الغش في الامتحانات من الممنوعات شرعيا وتربويا وإداريا
حق التلميذ المجتهد من الضياع.فمن باب
العدل والإنصاف أن يأخذ كل ذي حق حقه حتى يتسنى
للفرد أن يعرف قدراته
ومؤهلاته ويعمل وفقها ، وهذا هو السبيل الأقوم لتقدم الوطن.
ظاهرة الغش في الامتحانات
تعريف الغش :
الغـش لغــة : من غش ،أي أظهر له خلاف ما
أضمره وزين له سوء عمله.
فالغش هو الخداع
والخيانة، وهو مأخوذ من الغشش أي المشرب الكدر.والغش نقيض النصح، والغاش هو الذي
يغش نفسه ويغش الناس ، أما الغش في الفروض والامتحانات فهو يتضمن مجموع السلوكيات
غير المسموح بها والممنوعة شرعياوتربويا وإداريا.
تقديم :
إن الهدف من الموضوع هو التحسيس بخطورة ظاهرة الغش قصد إصلاح الفرد الغاش
وكذلك من أجل حماية
حق التلميذ المجتهد من الضياع.فمن باب العدل والإنصاف أن يأخذ كل ذي حق حقه حتى يتسنى
للفرد أن يعرف قدراته ومؤهلاته ويعمل وفقها ، وهذا هو السبيل الأقوم لتقدم الوطن.
إن الغش ظاهره حلو لكن عاقبته مرة.فما هو إلا تحويل استثمار طاقة الفرد من
مجال البحث والتكوين إلى مجال
التحايل والتزوير .وبالتالي فإن الغش يعتبر مرضا
ينخر الذات و المجتمع.
في هذا الموضوع سنتطرق إلى الغش على الصعيد النفسي والاجتماعي والشرعي ، وكذلك إلى أسبابه
ومظاهره ونتائجه
إضافة إلى مقترحات لعلاجه.
الغش على الصعيد النفسي )الذاتي):
1- الغش يخالف الفطرة السليمة ، وبصفة عامة فأفعال الشر لا تقبلها
الفطرة السليمة ، فلا يقبل أي إنسان أن
ينعت بالغاش حتى لو ثبت عليه ذلك.
2-أثناء عملية الغش تضطرب نفسية الغاش ويصاب بالارتباك فيفقده
التركيز.
3-الغاش ليس له بعد نظر ، وغالبا لا يكون مقتنعا بما يصدر عنه من غش فيؤدي
به إلى احتقار الذات وبناء تصور سلبي حولها ، كما يعرضه إلى الإحساس بالشعور
بالذنب حيث يفقده الثقة في نفسه ويعرضه لمشاكل نفسية.
4- الغش يجعل صاحبه ضعيفا هش التكوين في جانبه العقلي والفكري مما يجعله
غير قادر على مواجهة التحديات
اللاحقة.
5-الغش مرض خطير ، فإذا لم يتم استئصاله في الحال ،يتمكن من صاحبه فيلازمه
على مدى الحياة ، وهذا
ما يلاحظ في الامتحانان المهنية بحيث أن المرشحين على كبر
سنهم يغشون طمعا في الترقية ،غير مكترثين
بالقيم الأخلاقية والتربوية والاجتماعية والوطنية.
الغش على الصعيد الاجتماعي:
إن الغش يعتبر ظلما وإجحافا في حق التلميذ النبيل الذي يبذل الجهد مع ما
يكلفه من تعب ومعاناة حيث يعمل
على تكسير عزيمته وإضعاف إرادته وسرقة امتيازاته
وإغرائه على نهج هذا السلوك المنحرف.
فالتلميذ الغاش يقلل من قيمة مجهودات الأستاذ ومن قيمة التضحيات التي
تبذلها الأسرة و المؤسسة والدولة ،
وحين ينكشف أمره تقل قيمته هو أيضا أمام
الأستاذ وجميع المشرفين وكذلك التلاميذ المجدين.
فالغش مرض خطير ، فإذا لم يتم استئصاله في الحال ،يتمكن من صاحبه فيلازمه
على مدى الحياة ، وهذا
ما يلاحظ في الامتحانان المهنية بحيث أن المرشحين على كبر
سنهم يغشون طمعا في الترقية ،غير مكترثين بالقيم الأخلاقية والتربوية والاجتماعية
والوطنية.
والغش قد يتم نقله من المدرسة إلى المجتمع من خلال تلاحق الأجيال التي
تتقلد مختلف المناصب والمهن.
أو من المجتمع إلى المدرسة من خلال الاحتكاك بالوسط
الغاش.
هذا وقد اعتاد الناس احتقار الإنسان الغاش والنفور منه وعدم التعامل معه ،
فهو مرفوض اجتماعيا ، فمن منا
يقبل التعامل مع تاجر غاش أو صانع غاش ،أو موظف غاش
،فالغش يشيع فقدان الثقة بين الناس ويعمل
على تفكيك الروابط الاجتماعية وبالتالي
يؤدي إلى إضعاف المجتمع.
وصدق شوقي حين قال :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
الغش على الصعيد الشرعي :
يعتبر الغش بكل أنواعه محرما شرعا ، فهو ينعكس سلبيا على صاحبه بالدرجة
الأولى فالجزاء من جنس
العمل ،قال تعالى:(ولا يحيق
المكر السيء إلا بأهله) فاطر 43
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " من غش فليس منا "
فالغاش ليس
له بعد نظر ، حيث يرى في الغش الربح والتفوق ،ولا يرى فيه الضعف .
الخذلان ،
فهو من يطلب الربح مما فيه خسران ، قال تعالى: (وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم
والله
يعلم وأنتم لا تعلمون)البقرة216.
فالشرع
الحنيف يحرم الغش ويجرم كل من ساعد عليه من مرشحين أو مراقبين من خلال تقديم
المساعدة
أو من خلال التغاضي عنه.
فالغش إثم
وظلم ، ظلم الفرد لذاته واعتداء على حقوق غيره.
قال تعالى :(ولا
تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة 2
هذا ونشير
إلى أن المراقبة مسؤولية وأمانة وتكليف وليست عطاء وتشريف كما يتوهم الكثير.ففي
الحديث
الشريف :"أد الأمانة إلى من ائتمنك".
والفرد الذي
لا يهتم بدروسه ولا ينتفع بكتبه يشبهه الشرع بالحمار الذي يحمل الأسفار (كتب العلم
)
مصداقا لقوله تعالى: (
مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا)الجمعة5
أسباب
الغـــش :
للغش أسباب ودوافع كثيرة نذكر منها :
1-ضعف الوازع الأخلاقي.ففي الحديث
الشريف:"من غش فليس منا".
2-الضعف المعرفي ،وعدم التحضير الجيد
للدروس.
3-عدم توافق الدروس مع القدرات العقلية للتلميذ وميولا ته.
4-عدم تكيف التلميذ مع طريقة التدريس.
5-غياب المنهاج السليم للتعامل مع الدروس.
6-الكسل الناتج عن نقص في الدافعية للعمل
الجدي .
7-النقص الحاصل في السنوات السابقة .
8-غياب الوعي وكذا التحسيس بخطورة ظاهرة
الغش.
9-التساهل و التغاضي عن الغش من طرف الأساتذة المراقبين.
10-الرغبة في تحقيق النجاح بدون عناء ،
والتخلص من النظرة الدونية من طرف الأسرة والمحيط
الاجتماعي بشكل عام والتي تحصل
أثناء الفشل.
11- النظرة غير الصحيحة للحياة والاعتقاد
بصحة المقولات الخاطئة ،التي يروجها الفاشلون مثل:"من نقل
انتقل ومن اعتمد
على نفسه بقي في قسمه"
12-التأثر بالمحيط الاجتماعي الغاش.
§
مظاهــر
عمليـة الغـش :
إن مظاهر الغش كثيرة ومتنوعة نذكر
منها :
الارتباك
والاضطراب النفسي (استجابة خارجية لعوامل داخلية غير مريحة)
v
الالتفات
غير العادي ومحاولة تتبع حركات المراقبين.
v
التوقف
مدة طويلة من الزمن ثم يتم بعد ذلك استئناف العمل بشكل متصل
v
النظر
الثابت في مكان غير عادي.
v
وضع
اليد على الجبهة حتى لا يتم مراقبة حركات العينين.
v
محاولة
تمويه الأستاذ مثل :-التظاهر بالظمأ – التظاهر بقضاء الحاجة واللجوء إلى المراحيض.
v
الكتابة
على الجدران وعلى الطاولات وعلى أجزاء الجسم .
v
استعمال
الهاتف النقال .
وبشكل عام فإن كل سلوك غير عادي ينبئ
عن حالة حدوث عملية الغش.
نتـائج الغـش :
لا يمكن أن ينتج الغش إلا أفراد
وصوليين انتهازيين ضعاف الشخصية ،مستواهم التعليمي متدني ، فاقدي
الثقة في أنفسهم،
فكيف يوثق بهم ويعتمد عليهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك؟!
والغش يعمل على تذمر التلاميذ النجباء الأكفاء من خلال سرقة امتيازاتهم
وتأخيرهم عن مكانتهم المستحقة،
وبالتالي لا نجد الرجل المناسب في المكان المناسب
فتختل الحياة وتضطرب فيضعف المجتمع.
الغش يعمل على إفساد عملية التكوين والتقويم إذ يؤدي إلى حصول بعض
المتعلمين على امتيازات تعليمية
أو كفاءات مهنية بغير استحقاق وبدون احترام تكافؤ
الفرص ومن ثم التشكيك في مصداقية الشهادات ومصداقية
النظام التعليمي بشكل عام ،
فالغش إذا لم يتم علاجه ، وتم التغاضي عنه يغري صاحبه على الاستمرار
واحترافه طول حياته، وفي جميع
الميادين ، وقد يعلمه لأبنائه وللآخرين،فيكثر عدد
الغشاشين ويقل عدد المخلصين ،فيحدث الهلاك للناس أجمعين.
*مقترحات لعلاج ظاهرة الغش :
لمعالجة ظاهرة الغش ينبغي معرفة الأسباب ومعالجتها بشكل جدي ومسؤول، وهذا
لن يتأتى إلا من خلال
التوصيات التالية :
1- غرس القيم الروحية والأخلاقية
في نفوس التلاميذ(وهذا أهم عنصر لتكوين المواطن الصالح الذي
يتوخى الإحسان في كل
أعماله).
2- التوعية والتحسيس بخطورة الغش
على التلميذ نفسه وعلى مجتمعه من خلال
مختلف الأنشطة المدرسية.
3- التعاون بين كل الأطر وكل المؤسسات من أجل استئصال هذه الظاهرة.
4-اتخاذ إجراءات صارمة للردع ضد
من يتورط في عملية الغش.
5-مساعدة التلميذ على امتلاك آليات التعامل مع الدروس وتشجيعه على
بذل الجهد المنظم الذي يعتبر ثمن
النجاح الحقيقي، ومن هذا المنطلق تقول الشعوب
الجدية : إن 99 % من النبوغ عرق جبين ، وتحرص
الأمم
الراقية على أن يعمل أبناؤها ويبذلوا في سبيل رفعتها وتقدمها ما يسمح لها
بأن تتبوأ المكانة اللائقة بها.وما من
شك في أن لذة النيل بعد الجهد لا تعادلها في
الدنيا لذة ،وأن أكبر عقاب للذي يصل بدون جهد هو حرمانه من
النجاح الحقيقي.
وأخيرا نقول إن بناء مجتمع قوي
لا يمكن أن يتكون من أفراد غشاشين وانتهازيين ووصوليين ،فعلينا أن
نتخلص من الغش
باعتباره آفة تنخر الفرد والمجتمع من الداخل.
وأخيرا ندعو بالتوفيق لكل التلاميذ والطلبة المقبلين على الامتحانات ،فهم
جيل المستقبل، وهم سواعد وبناة الوطن.
أهم المراجع:
(1) محمد الأشهب بتصرف من كتاب
" المدرسة والسلوك الانحرافي " ص 22 الطبعة الاولى 1421 -2000
(2) ذ حسن قابوش " دفاتر
وثائقية " ص 16-17
يسعدنا تفاعلكم بالتعليق، لكن يرجى مراعاة الشروط التالية لضمان نشر التعليق
1أن يكون التعليق خاص بمحتوى التدوينة
2أن لا تضع أي روابط خارجية
3لإضافة كود حوله أولاً بمحول الأكواد
3للتبليغ عن رابط لا يعمل او مشكل في الموقع من هنا الطلب
4لطلب خدمة التبادل الاعلاني المطور من هنا